مَا يُعْطَى عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لا عَلَى وَجْهِ الْمَكْرُمَةِ هي الصدقة
صَدَقَةٌ
التَّعْرِيفُ :
1 - الصَّدَقَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ لُغَةً : مَا
يُعْطَى عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لا عَلَى وَجْهِ الْمَكْرُمَةِ
(1) .
وَيَشْمَلُ هَذَا الْمَعْنَى الزَّكَاةَ وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ
.
وَفِي الاصْطِلاحِ : تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ
عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَهِيَ تُسْتَعْمَلُ بِالْمَعْنَى
اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ ، فَيُقَالُ لِلزَّكَاةِ : صَدَقَةٌ ، كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ
الْكَرِيمِ : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } الآيَةَ
(2) .
وَيُقَالُ لِلتَّطَوُّعِ : صَدَقَةٌ كَمَا وَرَدَ فِي
كَلامِ الْفُقَهَاءِ وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ ، أَيْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (3)
يَقُولُ الرَّاغِبُ الأَصْفَهَانِيُّ : الصَّدَقَةُ :
مَا يُخْرِجُهُ الإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ
(1)المعجم الوسيط في اللغة
مادة ( صدق ) ، وهذا معنى ما قيل : إنها ما أعطيته في ذات الله ، كما ورد في لسان العرب
، وتاج العروس ، ومتن اللغة ـ مادة ( صدق ) .
(2)سورة التوبة الآية (
60 ) .
(3)مغني المحتاج 3 / 120 ،
والمغني لابن قدامة 5 / 649 .
كَالزَّكَاةِ . لَكِنَّ الصَّدَقَةَ فِي الأَصْلِ تُقَالُ
: لِلْمُتَطَوَّعِ بِهِ ، وَالزَّكَاةُ تُقَالُ : لِلْوَاجِبِ (1)
وَالْغَالِبُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ : اسْتِعْمَالُ هَذِهِ
الْكَلِمَةِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ خَاصَّةً .
يَقُولُ الشِّرْبِينِيُّ : صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ هِيَ
الْمُرَادَةُ عِنْدَ الإِطْلاقِ غَالِبًا (2) وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ كَلامِ سَائِرِ
الْفُقَهَاءِ أَيْضًا ، يَقُولُ الْحَطَّابُ : الْهِبَةُ إِنْ تَمَحَّضَتْ لِثَوَابِ
الآخِرَةِ فَهِيَ الصَّدَقَةُ (3) ، وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الْبَعْلِيُّ الْحَنْبَلِيُّ
فِي الْمُطْلِعِ عَلَى أَبْوَابِ الْمُقْنِعِ (4) .
وَفِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهَا صَدَقَةً يَقُولُ الْقَلْيُوبِيُّ
: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ نِيَّةِ بَاذِلِهَا (5) ، وَهَذَا الْمَعْنَى
الأَخِيرُ أَيْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْبَحْثِ عِنْدَ
الإِطْلاقِ .
2 - وَقَدْ تُطْلَقُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْوَقْفِ
، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
: مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ : أَنَّ " عُمَرَ تَصَدَّقَ بِمَالٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : ثَمْغٌ
. . . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ
، لا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ ، وَلا
(1)المفردات للأصفهاني ، وتاج
العروس مادة ( صدق ) .
(2)مغني المحتاج 3 / 120
.
(3)مواهب الجليل للحطاب 6
/ 49 .
(4)المطلع ص 291 .
(5)القليوبي على شرح المنهاج
3 / 195 .