لي بخراسان أموال كثيرة وكنوز موفورة.
حكاية:
يحكى عن إسماعيل الساماني في كتاب سير الملوك أنه كان ينزل بحذاء موليان وكان يصل كل وقت إلى مدينة كغد ويأمر المنادي أن ينادي في الناس وكان يرفع الحجاب ويزيح البواب ليجيء كل من له ظلامة ويقف على جانب البساط ويخاطبه ويعود مقضي الحاجة. وكان يقضي بين الخصوم مثل الحكام إلى أن تفي الدعاوي ثم يقوم من موضعه ويقبض على محاسنه ويوجه وجهه نحو السماء ويقول: إلَهي هذا جهدي وطاقتي قد بذلتهما وأنت عالم الأسرار تعلم نيتي ولا أعلم على أي عبد من عبادك حفت، ولا لأيهم ظلمت . وماأنصفت أنا واحداً من أصحابي فأغفر لي يا ألَهي من ذلك ما لا أعلم. فلما كان نقي النية، جميل الطوية، لا جرم علا أمره، وارتفع قدره وكان عسكره ألف فارس معتدين بالسلاح مقنعين بالحديد وببركة ذلك العدل والأنصاف ظفره الله تعالى بعمرو بن ليث حتى قبض عليه وفتح خراسان. ثم أن عمرو ابن ليث أنفذ إليه من السجن فقال: لي بخراسان أموال كثيرة وكنوز موفورة. وأنا أسلم الجميع إليك وأطلقني من السجن فلما سمع إسماعيل ذلك ضحك وقال إلى الآن لم يستقم معي عمرو ابن ليث يريد أن يجعل المظالم التي احتقبها. والمآثم التي ارتكبها، في عنقي ويتخلص من ثقل أوزارها ي القيامة قولوا له مالي في مالك حاجة. ثم أنه أخرجه من السجن وأنفذه رسولاً إلى بغداد فنال من أمير المؤمنين الخلع والتشريق. وجلس إسماعيل في مملكته بخراسان آمناً فارغ البال، حسن الحال. وبقيت المملكة في عنصر السامانية مائة وثلاثين سنة فلما إنتقل الأمر إلى أصاغرهم وصبيانهم ظلموا الخلق، وتعدوا الحق فزال ملكهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )عدل السلطان يوماً واحداً خير من عبادة سبعين سنة(. وقال عليه الصلاة والسلام )من سل سيف الجور سل عليه سيف الغلبة ولازمه الغم( كما قال الشاعر:
ترى بِالعَدلِ عن جُور جَزاء | | تَقَطُب مِنك طَلق الوجه يَوماً |
ولا تقتل أن اختَرتُ البقـاءِ | | فَقُل لِلنَاسِ ما تهوَى إستماَعاَ |
جاء في الخبر أن داود عليه السلام كان ينظر يوماً فرأى شيئاً ينزل من السماء مثل النخالة فقال: إلَهي ما هذا قال هذه لعنتي أنزلها على بيوت الجائرين.
حكاية: لما قعد انو شروان في المملكة كتب إليه يونان الوزير فقال إعلم أيها السطان أن أمور الملك على ثلاثة أشياء: أما أن ينصف رعيته ولا ينتصف منهم وذلك هو الدرجة العليا. أو ينتصف وينصف أيها الملك إلى هذه الثلاثة وأختر أيها أردت وأنا أعلم أن مولانا يختار الأولى كما قال الشاعر:
بفضلهِ منهُم فـذاك الأمـير | | من أنصفَ الناسَ ولم ينتَصِف |
أنصفَ أضحَى مالهُ من نظيرِ | | ومن يرِد إنصَافِهم مِثـلـمَـا |
ينصَفهُم فهو الدنيُء الحقـيرُ | | ومن يُرِد إنصَـافـه وهـو لا |
)نصيحة وموعظة( دخل شبيب بن شيبة يوماً على المهدى فقال يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك الدنيا فأعط رعيتك قسطاً من طيب عيشك فقال المهدي وما الذي ينبغي أن تعطي الرعية فقال العدل فإنه إذا نامت الرعية في أمن منك نمت آمناً في قبرك. وقال أحذر يا أمير المؤمنين من يوم لا ليلة بعده ومن ليلة لا يوم بعدها وأعدل ما استطعت فإنك تجازي بالعدل عدلاً وبالجور جوراً وزين نفسك بالتقوى فإنك في الحشر لا يعيرك أحد زينته كما قال الشاعر.
فلن يُعارَ تقيُ في النَاسِ من رجلِ | | فحلِ نفَسك بِالتـقَـوى وزينَـهـا |
تربح كثيراً ورأسُ المالِ لـم يزَل | | وليس ُتبلى يدُ المعروفِ فاحظ بها |