واليوم العلماء نيام والخلق موتى فأي نفع لكلام النائم مع الميت.
ونحن الآن نورد خبراً يستفيد به القارىء والسامع: سئل أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه لأي شيء لا تنفع الموعظة هؤلاء الخلق فقال الخبر المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوصى عند وفاته أشار بأصابعه الثلاث وقال لا تسألوني عن حال أولئك فقال قوم من الصحابة أشار إلى ثلاثة أشهر وقال قوم إلى ثلاث سنين وقال قوم إلى ثلاثين سنة وقال قوم ثلاثمائة سنة يعني إذا مضت ثلاثمائة سنة فلا تسألوني عن حال أولئك الرجال فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوني عن حال أولئك فكيف ينفع الوعظ فيهم. وسئل عن هذا السؤال فقال كان الناس في ذلك الوقت نياماً وكان العلماء أيقاظاً واليوم العلماء نيام والخلق موتى فأي نفع لكلام النائم مع الميت.
أما زماننا هذا فهو الزمان الذي هلك فيه الخلائق جميعهم وقد خبثت أعمال الناس ونياتهم وإذا لم يكن فيه للسلطان سياسة على الخلائق لا هيبة لم يثبتوا على الطاعة والصلاح. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم العدل من الدين وفيه صلاح السلطان وقوة الخاص والعام وفيه يكون خير الرعية وأمنهم وعافيتهم وكل الأعمال توزن بميزان العدل. وقال عز وجل في موضع آخر: )الذي أنزلَ الكِتَابَ بِالحقِِ والمِيزانِ( وأحق الناس بالجاه والمملكة من كان في قلبه مكان للعدل، وبيته مقر ذوي الدين والفضل، ورأيه من أرباب الدين والعقل، وصحبته مع العقلاء، ومشورته مع ذوي الآراء. كما قال الشاعر:
والقلبُ خازنُ قصدهِ | | يدُه خِـزَانة جُـودِه |
أبداً لطلبِ عـدلـهِ | | قد رتبًـت أبـوابـهَ |
قال الحسن البصرى كل ملك عظم أمر الدين كان عند رعيته مهيباً عظيم القدر والأمر ومن عرف الله تعالى تعرف الخلق به واختاروا أن يكونوا معارفه كما قال الشاعر:
آثرَ كُلُ الخلق عرفـاتَـه | | من عرفَ اللَهُ تعالىَ اسُمَهِ |
معرفة الخالق سُبحـانـه | | طُوبي لمن أول ما حـازهُ |
قال بزر جمهر ينبغي للملك أن لا يكون في مملكته أقل من البستاني ف حفظ بستانه إذا زرع الريحان ونبت بينه الحشيش إستعجل في قلع الحشيش كيلاً يضبط أماكن الريحان.