ما هي المعجزة والكرامة والاستدراج والسحر؟
(مسألة: ي): خوارق العادة
على أربعة أقسام:
المعجزة المقرونة بدعوى النبوة المعجوز عن معارضتها، الحاصلة بغير اكتساب
وتعلم،
والكرامة وهي ما تظهر على يد كامل المتابعة لنبيه من غير تعلم ومباشرة أعمال
مخصوصة، وتنقسم إلى ما هو إرهاص وهو ما يظهر على يد النبي قبل دعوى النبوّة، وما
هو معونة وهو ما يظهر على يد المؤمن الذي لم يفسق ولم يغتر به،
والاستدراج وهو ما يظهر على يد الفاسق المغترّ،
والسحر وهو ما يحصل بتعلم ومباشرة سبب على يد فاسق أو كافر كالشعوذة،
وهي
خفة اليد بالأعمال، وحمل الحيات ولدغها له، واللعب بالنار من غير تأثير، والطلاسم
والتعزيمات المحرمة واستخدام الجان وغير ذلك، إذا عرفت ذلك علمت أن ما يتعاطاه
الذين يضربون صدورهم بدبوس أو سكين، أو يطعنون أعينهم، أو يحملون النار أو
يأكلونها، وينتمون إلى سيدي أحمد الرفاعي، أو سيدي أحمد بن علوان أو غيرهما من
الأولياء، أنهم إن كانوا مستقيمين على الشريعة، فائمين بالأوامر، تاركين للمناهي،
عالمين بالفرض العيني من العلم عاملين به، لم يتعلموا السبب المحصل لهذا العمل،
فهو من حيز الكرامة وإلا فهو من حيز السحر، إذ الإجماع منعقد على أن الكرامة لا
تظهر على يد فاسق، وأنها لا تحصل بتعلم أقوال وأعمال، وأن ما يظهر على يد الفاسق من
الخوارق من السحر المحرّم تعلمه وتعليمه وفعله، ويجب زجر فاعله ومدعيه، ومتى حكمنا
بأنه سحر وضلال حرم التفرج عليه، إذ القاعدة أن التفرج على الحرام حرام، كدخول محل
الصور المحرمة، وحرم المال المأخوذ عليه، والفرق بين معجزة الأنبياء وكرامة
الأولياء، وبين نحو السحر، أن السحر والطلسمات والسيمياء وجميع هذه الأمور ليس
فيها شيء من خوارق العادة، بل جرت بترتيب مسببات على أسباب، غير أن تلك الأسباب لم
تحصل لكثير من الناس، بخلاف المعجزة والكرامة فليس لهما سبيل في العادة، وإن السحر
مختص بمن عمل له، حتى إن أهل هذه الحرف إذا طلب منهم الملوك مثلاً
صنعتها طلبوا منهم أن يكتب لهم أسماء من يحضر
ذلك المجلس فيصنعون ذلك إن سمي لهم، فلو حضر آخر لم ير شيئاً، وأن قرائن الأحوال المفيدة
للعلم القطعي المحتفة بالأنبياء والأولياء من الفضل والشرف وحسن الخلق والصدق والحياء
والزهد والفتوّة وترك الرذائل وكمال العلم وصلاح العمل وغيرهما، والساحر على الضد من
ذلك.
مسائل منثورة في الفلك وغيره
بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي (2/
132)
الكتاب : بغية المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي