الخبر الصادق من الله تعالى
يكون الله تعالى مصدرا مباشرا للمعرفة البشرية في
أمور الاعتقاد وغيرها بثلاث طرق كما في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ
اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ
بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ } فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية ثلاث مراتب للإخبار لا تكون
إلا للأنبياء ،
وهذه المراتب هي :
1 / تكليم الله تعالى عبده يقظة بلا وساطة ، كما كلم موسى عليه السلام
{ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } وقال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا
وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ }
2 / مرتبة الوحي المختص بالأنبياء كما قال تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ }
3 / إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري فيوحي
إليه عن الله تعالى ما أمره أن يوصله إليه .
الدين في الاصطلاح الإسلامي (ص: 14)
الكتاب : الدين في الاصطلاح الإسلامي
عدد الصفحات : 18
مصدر الكتاب : موقع الإسلام
االنكت والعيون (4/ 78، بترقيم الشاملة آليا)
قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ
إِلاَّ وَحْياً } الآية . سبب نزولها ما حكاه النقاش أن اليهود قالوا للنبي صلى الله
عليه وسلم ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً صادقاً كما كلمه موسى ونظر إليه؟
فنزلت هذه الآية .
وفي قوله : { وَحْياً } وجهان :
أحدهما : أنه نفث ينفث في قلبه فيكون إلهاماً ، قاله مجاهد .
الثاني : رؤيا يراها في منامه ، قاله زهير بن محمد .
{
أَوْ مِن وَرَآءِي حِجَابٍ } قال زهير : كما كلم موسى .
{
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } قال زهير : هو جبريل .
{
فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ } وهذا الوحي من الرسل خطاب
منهم للأنبياء يسمعونه نطقاً ويرونه عياناً . وهكذا كانت حال جبريل إذا نزل بالوحي
على النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عباس : نزل جبريل على كل نبي فلم يره منهم إلا محمد وعيسى
وموسى وزكريا صلوات الله عليهم أجمعين ، فأما غيرهم فكان وحياً إلهاماً في المنام .
قوله عز وجل : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ
أَمْرِنَا } فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : رحمة من عندنا ، قاله قتادة .
الثاني : وحياً من أمرنا ، قاله السدي .
الثالث : قرآناً من أمرنا ، قاله الضحاك .
{
مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ } فيه وجهان :
أحدهما : ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة ، ولا الإيمان لولا
البلوغ ، قاله ابن عيسى .
الثاني : ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك ، ولا الإيمان
لولا هدايتنا لك وهو محتمل .
وفي هذا الإيمان وجهان :
أحدهما : أنه الإيمان بالله ، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته .
الثاني : أنه دين الإٍسلام ، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة .
{
وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً . . . } فيه قولان :
أحدهما : جعلنا القرآن نوراً ، قاله السدي .
الثاني : جعلنا الإيمان نوراً . حكاه النقاش وقاله الضحاك .
{
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فيه قولان :
أحدهما : معناه : وإنك لتدعو إلى دين مستقيم ، قاله قتادة .
الثاني : إلى كتاب مستقيم ، قاله علي رضي الله عنه .
وقرأ عاصم الجحدري : وإنك لتُهدى ، بضم التاء أي لتُدْعَى .
قوله عز وجل : { صِرَاطِ اللَّهِ } فيه وجهان :
أحدهما : أن صراط الله هو القرآن ، قاله علي كرم الله وجهه .
الثاني : الإٍسلام ، رواه النواس بن سمعان الأنصاري عن النبي صلى
الله عليه وسلم .
{
أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ } يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه وعيد بالبعث .
الثاني : أنه وعيد بالجزاء ، والله أعلم .
الكتاب : النكت والعيون
المؤلف : أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي
مصدر الكتاب : موقع التفاسير