الدِّينِ
الموسوعة الفقهية الكويتية
وَقَدْ شَاعَ بَيْنَ عَوَامِّ بَعْضِ الْبِلادِ الإِسْلامِيَّةِ
إِطْلاقُ لَفْظِ فَقِيهٍ عَلَى مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لَهُ مَعْنًى .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ " فَقِيهَ النَّفْسِ
" لا يُطْلَقُ إِلا عَلَى مَنْ كَانَ وَاسِعَ الاطِّلاعِ قَوِيَّ النَّفْسِ وَالإِدْرَاكِ
، ذَا ذَوْقٍ فِقْهِيٍّ سَلِيمٍ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا
.
وَثَانِيهِمَا : أَنَّ الْفِقْهَ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعَةِ
الأَحْكَامِ وَالْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ . وَهَذَا الإِطْلاقُ مِنْ
قَبِيلِ إِطْلاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ الْحَاصِلِ بِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
: { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ } [1]
أَيْ مَخْلُوقُهُ .
الأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ بِلَفْظِ فِقْهٍ :
لَفْظُ " الدِّينِ
"
- يُطْلَقُ
لَفْظُ الدِّينِ لُغَةً عَلَى مَعَانٍ شَتَّى ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ
. وَالَّذِي يُهِمُّنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ بَعْضُ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي
تَتَّصِلُ بِمَوْضُوعِنَا ، وَهِيَ الْجَزَاءُ ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { مَالِكِ
يَوْمِ الدِّينِ }[2]
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - جَلَّ شَأْنُهُ
- : { قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ }[3]
أَيْ لَمَجْزِيُّونَ . وَمِنْهَا الطَّرِيقَةُ
، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينٌ }[4]
وَمِنْهَا الْحَاكِمِيَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
}[5]
أَيْ حَاكِمِيَّتُهُ وَانْفِرَادُهُ بِالتَّشْرِيعِ
. وَمِنْهَا الْقَوَاعِدُ وَالتَّقْنِينُ