اشتراط عقد في عقد
المسألة الثانية : اشتراط عقد في عقد :
ولابد أن نفهم مسألتين :
الأولى : مسألة اشتراط عقد في عقد .
والثانية : جمع عقدين في صفقة واحدة ، فتجمع عقدين هذا لا بأس به ، يعني تقول مثلاً : بعتك السيارة وأجرتك البيت بمائة ألف ريال ، الآن جمعت بين البيع والتجارة بثمن واحد ، هذا جائز يجوِّزه الحنابلة والمالكية ، لكن هذا ليس منه التأجير المنتهي بالتمليك كما سيأتي .
التأجير المنتهي بالتمليك : توارد عقدين على عين واحدة ، هنا ورد عقدان على عينين ؛ لكن جمعت بينهما في صفقة واحدة بثمن واحد ، لكن في الإجارة المنتهية بالتمليك التي منعها مجمع الفقه الإسلامي وهيئة كبار العلماء بالمملكة هو توارد عقدين على عين واحدة ؛ عقد البيع وعقد الإجارة ، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك كيف ورد عقد البيع ؟ وكيف ورد عقد الإجارة ؟ فأصبحت هذه المعاملة لا تجوز .
فجمع عقدين في صفقة واحدة هذا جائز ولا بأس به وإذا أردنا التفريق بينهما نقسِّط الثمن .
لكن اشتراط عقد في عقد : المذهب أن هذا ممنوع .
مثاله : أن تقول : بعتك البيت بشرط أن تؤجرني سيارتك أو أجرتك السيارة بشرط أن تبيعني بيتك .
حكمه : كما أن الحنابلة يمنعونه ؛ أيضاً هو قول أكثر أهل العلم وأنه لا يصح .
الدليل :
1- قول النَّبيّ r : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع " .
2- وقالوا أيضاً : إن هذا هو بيعتان في بيعة الذي نهى عنه النَّبيّ r .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وهو اختيار السعدي وقول عند المالكية وعند الحنابلة : أن هذا جائز ولا بأس به إلا إذا تضمَّن محظوراً شرعياً .
تضمَّن محظوراً شرعياً كما لو قال : أقرضتك بشرط أن تبيع لي ، فهذا كما تقدَّم أنه داخل في منافع القروض المحرمة ؛ أن يشترط الدائن على المدين منفعة لا يقابلها سوى القرض ، وأيضاً قال النَّبيّ r : " لا يحل سلف وبيع " فهذا شرط عقد في عقد تضمَّن محظوراً شرعياً فلا يجوز ؛ وهو أيضاً إخراج القرض عن موضوعه ؛ فإن المراد بالقرض الإرفاق ووجه الله عزَّ وجل لا الكسب والتجارة .
وأيضاً كما لو قال : بعتك بشرط أن تزوجني ، فنظير هذا : النهي عن الشغار وهو أن يقول : زوجتك بشرط أن تزوجني أو تزوج ابني ، لأن الإنسان إذا قال : زوجتك بشرط أن تبيعني فإنه لا ينظر إلى مصلحة موليته وإنما ينظر لمصلحته هو ، فمن باعه أو حابه زوجه .
الترجيح :
هذا القول هو الصواب ؛ وان اشتراط عقد في عقد جائز ولا بأس به ما لم يتضمَّن محظوراً شرعياً ، ونستدل على هذا بما ذُكر من الضوابط السابقة : أن الأصل في المعاملات والشروط فيها الحل .
وأما الشرطان اللذان نهى عنهما النَّبيّ r أو البيعتان في بيعة فهذا ابن القيِّم وشيخ الإسلام يحملانه على بيع العينة ، فإن بيع العينة تضمَّن بيع مؤجَّل وبيع حاضر ؛ وتضمَّن أيضاً الشرطين : شرط التأجيل وشرط الحلول .