شرط المنفعة

المسألة الأولى : شرط المنفعة :

تقدم لنا في الضوابط أن الأصل في الشروط في عقد البيع الصحة ، ودليل ذلك قول الله عزَّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )[1] ، والإيفاء بالعقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه ، ومن وصفه الشرط فيه ، وأيضاً حديث أبي هريرة أن النبي r قال : " المسلمون على شروطهم " .

تعريف الشرط في البيع : الشرط في عقد البيع هو ما يشترطه أحد المتعاقدين مما له فيه مصلحة .

محله : تقدم أن ذكر أن محل هذه الشروط يصح أن تكون قبل العقد ، ويصح أن تكون في صُلب العقد ، ويصح أن تكون في زمن الخيارين ( زمن خيار الشرط وزمن خيار المجلس ) .

أقسام الشروط في العقد : الشروط في البيع تنقسم إلى أربعة أقسام :

الأول : شرط يقتضيه العقد ، فهذا صحيح بالاتفاق ، ولهذا العلماء لا يذكرونه في المختصرات وإنما يذكرونه في المطولات ، وذكر مثل هذا الشرط إنما هو من قبيل البيان والتوكيد .

مثاله : اشتراط أن يكون الثمن حالاً ، فلو قال البائع : أنا أبيع عليك البيت لكن بشرط أن يكون الثمن حالاً ، فهذا الشرط لا حاجة له لأن العقد يقتضي أن يكون الثمن حالاً وليس مؤجلاً ، فإذا أراد أن يؤجل فله أن يشترط التأجيل .

أيضاً لو قال المشتري : أشتري منك السيارة بشرط أن أقبضها الآن ، هذا أيضاً شرط يقتضيه العقد ، فالأصل أن البائع يقبض السلعة الآن فإذا أراد أن يؤخر فله أن يشترط .

الثاني : شرط مصلحة ، سواء كانت هذه المصلحة راجعة للعقد أو راجعة على أحد المتعاقدين ، فهذا الشرط أيضاً صحيح باتفاق الأئمة .

مثل : شرط الرهن أو الضمين أو الكفيل ، فهذه شروط صحيحة ، وكما لو قال المشتري : اشترط أن يكون الثمن مؤجلاً ؛ فقال البائع : أشترط أن تعطيني رهناً .

الثالث : شرط وصف في المبيع أو في الثمن ، أيضاً هذا صحيح باتفاق الأئمة ، فلو قال : أنا أشتري السيارة لكن بشرط أن تكون سرعتها كذا وكذا ؛ وأن تكون إطاراتها كذا وكذا ؛ وأن تكون قوة المكينة كذا وكذا …إلخ ، فهذا شرط ، ووصف جائز حتى ولو اشترط المشتري مائة شرط ، هذه كلها شروط صحيحة والأئمة يتفقون على ذلك .

الرابع : شرط المنفعة ، وهذا هو الذي اختلف فيه العلماء ، مثاله : أن يقول : أبيعك السيارة بشرط أن أستعملها لمدة يوم أو يومين ، أو تكون المنفعة للبائع ؛ قال : اشتري منك السيارة بشرط أن تغسلها أو تصلح الخلل الموجود فيها …

حكمه : اختلف فيه العلماء :

1- أضيق المذاهب فيه مذهب الشافعية ، لا يجوِّزون أي شرط .

2- الحنابلة لا يُجيزون إلا شرطاً واحداً ، يعني : يصح أن تشترط شرطاً واحداً سواء كان هذا الشرط في المبيع أو في البائع ، ولا يجوز أن تجمع شرطين .

دليلهم : لأن النبي r قال : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع " ، فقالوا : تجمع شرطين من شروط المنافع لا يجوز .

3- المالكية قالوا : يجوز الشرط اليسير ؛ وإذا كان كثيراً لا يجوز .

4- الحنفية : إذا جرى تعامل الناس به جاز ؛ وإذا لم يَجْرِ لا يجوز .

5- وأوسع الناس في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وهو رواية عند الحنابلة : أنه تجوز شروط المنفعة وإن كثُرَت شرطين ثلاثة أو أربعة …

الترجيح :

هذا القول هو الصواب لما ذكرنا من الضابط : أن الأصل في الشروط في البيع الحل ، فإذا قال : أشتري منك السيارة بشرط أنك تصلحها وتغسلها وتقوم بفحصها …إلخ ، قالوا : هذا جائز ولا بأس به لما تقدم من الضابط ، وقد ذكرنا الدليل عليه ، وفي حديث جابر أن النبي r اشترط عليه حملان ظهر الجمل الذي باعه عليه إلى المدينة .

فالصحيح أن الشروط في البيع كلها جائزة .


( [1] المائدة : من الآية1

Popular posts from this blog

Contoh Terjemah Akte Kelahiran dalam bahasa arab

Contoh Surat Keterangan Aktif belajar dalam Bahasa Arab

من أخطأ الطريق ضل، ولا ينال المقصود؛ قلّ أو جل