عقد التأجير المنتهي بالتمليك
ثامناً : عقد التأجير المنتهي بالتمليك :
التأجير المنتهي بالتمليك أو الإجارة المنتهية بالتمليك ؛ هذا المصطلح اصطلاح معاصر لم يكن عند الفقهاء السابقين .
تعريفه : هذا المصطلح مركب من كلمتين :
أ- التأجير أو الإجارة .
ب- التمليك .
وسنعرف هاتين الكلمتين ثم نقوم بتعريف هذا العقد مركباًَ .
أولاً : التأجير في اللغة : مشتق من الأجر ؛ وهو الجزاء على العمل ؛ ويطلق أيضاً على الثواب .
والإجارة : اسم للأجرة ؛ وهي ما يُعطى من الأجر على العمل .
وأما الإجارة في اصطلاح العلماء : هي عقد على منفعة معلومة مباحة من عين معينة أو موصوفة في الذمة أو على عمل معلوم بعوض معلوم مدة معلومة .
فتلخَّص لنا أن الإجارة تنقسم إلى قسمين :
1- إجارة أعيان .
2- إجارة أعمال .
ثانياً : التمليك ، وهو في اللغة : جعل الغير مالكاً للشيء .
وأما في الاصطلاح فإنه لا يخرج عن المعنى اللغوي .
والتمليك قد يكون تمليكاً للعين ؛ وقد يكون تمليكاً للمنفعة ؛ وقد يكون بعوض ؛ وقد يكون بغير عوض .
فإذا كان تمليكاً للعين بعوض فهذا بيع .
وإذا كان تمليكاً للمنفعة بعوض فهذه هي الإجارة .
وإذا كان تمليكاً للعين بلا عوض فهذه هي الهبة .
وإذا كان تمليكاً للمنفعة بلا عوض فهذه عارية .
ثالثاً : تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك - على أنها مركبة من كلمتين - : هي تمليك منفعة من عين معلومة مدة معلومة ، يتبعه تمليك العين على صفة مخصوصة بعوض معلوم .
فقولهم ( تمليك منفعة ) هذا هو الإجارة .
وقولهم ( يتبعه تمليك العين ) هذا هو البيع ، فهي إجارة منتهية بالتمليك .
نشأة عقد الإجارة المنتهية بالتمليك :
هذا العقد أول ما وجد عام 1846 م في إنجلترا ، وأول من تعامل بهذا العقد أحد تجار الآلات الموسيقية في إنجلترا ؛ فكان يؤجر آلاته الموسيقية إجارة يتبعها تمليك العين ؛ وقصد من ذلك ضمان حقه .
ثم بعد ذلك انتشر مثل هذا العقد وانتقل من الأفراد إلى المصانع ، وكان أول هذه المصانع تطبيقاً لهذا العقد مصنع سنجر لآلات الخياطة في إنجلترا .
ثم بعد ذلك تطور وانتشر بصفة خاصة في شركات السكك الحديدية التي تشتري المركبات وتؤجرها لمناجم الفحم تأجيراً ينتهي بالتمليك .
ثم بعد ذلك انتشر هذا العقد وانتقل إلى بقية دول العالم ؛ فانتقل إلى الولايات المتحدة عام 1953 م .
ثم بعد ذلك انتقل إلى فرنسا عام 1962 م .
ثم بعد ذلك انتقل إلى البلاد العربية والإسلامية عام 1397 هـ .
بعض المسائل الفقهية التي يُبنى عليها هذا العقد :
قبل الدخول في عقد الإجارة المنتهية بالتمليك لابد من بحث بعض المسائل الفقهية التي يُبنى عليها هذا العقد .
فإن الذين منعوا هذا العقد كما سيأتينا في أقسام هذا العقد مطلقاً قالوا : بأنه اشتراط عقد في عقد ، وهذا لا يجوز عند جمهور أهل العلم .
وقالوا أيضاً : يتضمن تعليق عقد البيع على شرط مستقبل ، وهذا لا يجوز .
وقالوا أيضاً : تعليق الهبة ، وهذا لا يجوز .
وقالوا : هذا مبني على الوعد والإلزام به ، والوعد غير لازم عند الجمهور .
فمثل هذه المسائل سنشير إلى كلام العلماء فيها عن طريق الإجمال ، لأنه كما أسلفت هذا العقد – عقد الإجارة المنتهي بالتمليك – يُبنى على هذه المسائل ، فإذا عرفنا الحكم في هذه المسائل يتبين لنا الإجابة عن قول من منع مثل هذا العقد مطلقاً بكل أقسامه وصوره .
وسوف يأتينا أن هذا العقد له ثلاثة أقسام :
1- قسم محرم .
2- قسم جائز .
3- قسم ضبطه العلماء بضوابط .
الذين منعوا هذه الأقسام كلها ؛ ومنعوا صور الإجارة المنتهية بالتمليك كلها تمسَّكوا بالمسائل الفقهية التي ذكرت ، ونحن سنتعرض لهذه المسائل بإجمال قبل أن نذكر أقسام الإجارة المنتهية بالتمليك .